""كم أنا متعبة!"" تمتمت سارة وهي تستلقي على الأريكة البنية أمام شاشة التلفاز بعد أن قررت أن تشاهد مسلسلها التلفزيوني قبل أن تنام ...فقد أحست بقدميها غير قادرتين على حملها بعد شغل المنزل الذي لا ينتهي ...وتمنت للمرة الألف لو كان لها أخت تشاركها أحزانها وأفراحها وتعاونها في شغل البيت...
دلف أخوها شهاب الى غرفة الجلوس ونظر إليها من عليائه بوجهه الأسمر المقطب وقال بصوته الآمر
"" أريد شاي ..بسرعة"" أجبرت نفسها على الوقوف فهي تعلم لسعات لسانه أن لم تنفذ فورا ما يريده ..وراقبته وهو يلقي بالمفاتيح وسترته بفوضوية على أريكة غرفة الجلوس قبل أن تذهب الى المطبخ بهدوء.
بعد أن وضعت له الشاي قرب الأريكة التي أحتلها والريموت كنترول الذي صار في حوزته جلست لتشاهد الفيلم الذي يتفرج عليه ...وشيئا فشيئا تراخت أهدابها وغفت على الأريكة العريضة في غرفة الجلوس ........وفجأة جفلت من غفوتها على صوت شهاب
""سارة! الى غرفتك ... أريد أن أنام هنا"" فركت عينيها لتدرك ما يقوله قبل أن تسمع صوته الزاجر
""قومي ..ألا تعلمين أني أنام على هذه الأريكة هذه الأيام"" جرجرت نفسها الى غرفتها لتنام بعمق.
* * *
"" ماما..مللت من أسلوب شهاب في الحديث معي...أنا لست خادمة عنده""
"" ما هذا الكلام! أنت مجبرة أن تسمعي كلامه ..هو أخوك الكبير!""
تنهدت سارة بسخط
"" أفهميني ماما ..أنا على استعداد أن ألبي كل ما يريده من الصباح الى المساء ولكن ليطلب مني بلطف..لقد مللت من إهاناته ...ولا أستطيع أن أنسى المرات التي ضربني فيها""
قالت الأم معاتبة
""سارة ..لا تكوني حقودة ..""
"" لست حقودة وأنت تعلمين ذلك ..تعبت من أن أبدء دائما الكلام معه بعد أن يظلمني.. تعبت ماما ..أن أعتذر له عن كلماتي عندما يفقد أعصابه ويضربني"" منعت سارة عينيها من ذرف الدموع بقسوة ولكن صوتها لم يستطيع إخفاء دموعها المكبوتة
"" لماذا ماما؟ تقولون أني التي يجب أن تتنازل دائما أنت وبابا لماذا؟؟!!""
"" لأنه أخوك الكبير... وأنت البنت .""
قالت سارة ساخطة
"" مللت هذه العبارة ماما.. أليس عندي كرامة كبرياء احترام للنفس لأني بنت؟؟!!! الى متى سيستمر يتصرف بهذا الشكل البغيض""
قالت لها أمها بصوت حاد
""احترمي أخوك يا بنت ""
"" وهل الطريق لكي أحترمه هو بالضرب والكلمات النابية..""
نظرة أمها الحادة جعلتها تقول
"" لنغير الموضوع ...فلا فائدة في الحديث عنه""
* * *
""سارة لماذا لم تكوي قميصي الأزرق؟!!""
أسرعت سارة الى شهاب وهي تسمع صراخه
"" آسفة ..لقد نسيت""
""نسيت وما المفروض بي أن البسه أيتها الغبية""
قالت سارة ...
"" لست غبية ..هناك قمصان أخرى مكوية في دولابك""
صعقت سارة بالصفعة التي ألهبت خدها وهو يقول
"" وتجرئين على الصياح بوجهي أيتها الغبية""
طفرت الدموع من عينيها وهي تقول صارخة
""قلت لك لست غبية""
أمسك شهاب بسارة من شعرها وأخذت هي بالصراخ
""أتركني..أتركني..أكرهك أكرهك""
قال شهاب وهو يسحبها من شعرها غير آبه بصراخها و يديها التي تدفعه بها وقدميها التي تحاول ركله بها
"" تكرهيني ... سأريك عواقب قلة أدبك يا حيوانه ""
سمعت صراخ أمها و هي تحاول إبعاد شهاب عنها
"" لم تعرفوا أن تربوها ...وأنا من سيربيها ""
أمسك بها يضربها وسط صراخها وصراخ أمها المتوسل لأخيها أن يتركها
"" أتركني ..اتركيني .. يا حيوان!!!""
وضعت يدها برعب على فمها التي خرجت منه الكلمة .. واستغلت دهشته لتركض الى غرفتها وهي تتعثر على درجات السلالم العالية .....أغلقت الباب بالمفتاح ونشيجها يخترق الجدران ودموعها قد غمرت وجهها.... صرخت باكية وهي تسمع صوت شهاب من وراء الباب وصوت أمها المتوسلة وأسندت ظهرها على الباب بقوة في وجه ضرباته المتتالية وهو يتوعد بها ويسبها وهي لا تستطيع التوقف عن البكاء ورأسها يؤلمها من تكرار صدماته بالباب الذي يحاول فتحه
"" أفتحييييييييييي الباب ... والله والله سأربيكِ من أول وجديد""
صرخت بعنف وهي ترى الباب خلفها يتكسر من جراء ضرباته القوية لتراه أمامها كالوحش الكاسر ...صرخت و قلبها يكاد يتوقف من الخوف وقفزت فوق السرير مستندة على الحائط ...ركض إليها ليصفعها صفعة قوية جعلت رأسها يرتطم بالحائط ....وأفاقت من هول لحظتها لترى أباها و أمها ينتزعون شهاب من الغرفة بعيدا عنها ووالدها يردد كلمات بالكاد التقطتها
"" أهدئ يا ولدي .. هي صغيرة ولا تفهم شيئا .. ستعتذر لك غدا ...ستعتذر حتى لو أرغمتها على ذلك""
تكورت سارة في زاوية الغرفة وراء باب غرفتها الذي أنكسر قفله وهي تبكي بكاءا أحست أنه سيفطر كبدها ...بكت من ألمها .. من الصفعات التي شوهت وجهها ..من كدمة رأسها... من لسعات ضرباته على ظهرها وكتفها تعالي نشيجها وهي تكاد تصاب بالجنون
""ربي ساعدني ...ساعدنييييييييي أرجوك لم أعد أحتمل ...ربي ...لا تتركني أنت لا تتركني ياربي لا تتركني وحدي!!!!! استمرت الدموع بالهطول وهي تناجي رب العزة تتوسله أن يخلصها "" أرجوك ربي ساعدني أرجووووووووووك لا تتركني وحدي ........ لا تتركني أنت كل ما لدي ...من يخلصني يا ربي .. لا أريد شيئا فقط دعهم يتركوني دعهم يتركوني.......ربيييييييييييييييييييييييي سااااااااااااااعدي .....هدئت قليلا وكأن الله أرسل الى قلبها بلسما يهدي جروحها المتقرحة ... أحست أن دعائها ....لاقى مجيبا .. وان الله لن يتركها يوما مهما حدث.
بقلم : (وردة دجلة )
❤ مدونة قلب العرب ❤