twitter


آلام الحياة بالصور

* أشعر بالحياة تتلمس طريقها ناحية أصابعي المتيبسة .
أحتاج قلمي , أتوكأ عليه و أهش به على كلماتي, عندما أكتب , أتطلع إلى يدي من أسفل , و هي على سفح الجبل متربعة بين العظماء , و إني بدون قلمي لا شيء مجرد رجل يمشي على طريق الدنيا متوجها نحو الآخرة دون أن يتأمل القرى التي على جانبي هذا الطريق , فيسكن بين أهليها , و يختبر طباعهم, و يحكي لأهل قرية عما عرفه من طباع قرية أخرى .

إني شغوف بالحروف و أفكار الناس , رأسي دائما يشتعل بصور و خيالات شتى , أحاول التنبؤ بالأحداث قبل وقوعها , و أفكر بما قيل و ما يمكن أن يقال , و هذا كفيل بأن يجعل من رأسي قعر بركان خامد , لا ينفجر ولكنه يظل مغليا .
و لكن متغيرات شتى بدأت ألحظها في نفسي , لم أدرك مسبباتها ولكني وقعت عليها فجأة كالنائم الذي أفاق في خان يبعد عن بيته ألف ألف برزخ .
صرت أجد نفسي فجأة وسط حوار بين فكرة وخيال , أرفع حاجبي تعجبا, و أقول ما لي اليوم هكذا لا أتحكم فيما يعمل في رأسي . أعرف نفسي أظل أفكر دوما في ما يمكن أن يكتب و كيف يكتب لكني اليوم عاجز عن ربط نتيجة بفكرة ,و شخصية بفعل , لا أستطيع تحويل حروفي إلى كلمات مقروءة ! شيء ما يحدث لي .
لا أستطيع الكتابة , نفسي محور كل الأفكار , ولا أريد الكشف عنها. في هذه الأيام و بسبب هذه الحالة الغريبة, أستطيع الكتابة بأبلغ الجمل عنها ولكني لا أريد , و لأني لا أريد فلن أستطيع الكتابة عن غيرها .
أمشي على طريق طويل لا أشعر فيه إلا بنفسي, نفسي الشقية , المنشغلة عن كل شيء المنصرفة إلي , المتعلقة بأذني الميممة وجهي شطرها و عبثاً أحاول الإنصراف إلى غيرها , ولا أقدر , حروفي عن غيرها صدئة , و هي تغمز لأصابعي بكل شقاوة أن هيت لك , فأتمنع و أقول معاذ الله و لو كانت نجاة قلمي معلقة بكلمة منك .من حولي أطياف البشر أراهم وكأني لا أراهم, قلبي مبتهل إلى عقلي لا يكترث بمن حوله ما لم يستوقفوه . و أخذ هذا الطريق يتفرع إلى آخر أعجب منه , غدوت كليا منصرف إلى أدق حادث يعتري جسدي و عقلي , بدأت ألحظ أن حركاتي تأخذ طابعا أكثر عصبية, يداي أصبحتا ترتعشان أكثر من السابق, حتى صارت سيجارتي لا تجد طريقها إلى فمي . ذاكرتي معطوبة, و ما عدت أستطيع جلب الصور منها, أذكر الناس بالأسماء ولكن ملامحهم مجهولة, كنت سأجن لولا أني أستغفر الله لكل مسيء و محسن, و ابتسم لأسمائهم و استودعهم الله من لا تضيع عنده وديعه .
و مر وقت طويل منذ الخطوة الأولى , الأقدام ملت و الظهر انحنى , و على ذلك الطريق تحد قائم بيني و بين نفسي أينا ينتصر , و أصدقكم القول لا غالب في هذه الساحة إلا نفسي , التي ترتل منذ بادئ الأمر (( و ما النصر إلا صبر ساعة )) , صبرتُ و صبرت و ها أنا اليوم, مستدبرا النفق في نهاية ذلك الطريق, متشبعا بنور آذى عيني ثم أراني جمال الخليقة, كنت قبله قد تمرغت في الوحل و خرجت منه نقياً , و رأيت الحرب فعدت منها غانماً, أصبحت عنده ساقي الحانة الذي وجد أخيرا أذنا صاغية, ولا ينام وحيدا , ولا يجهل نفسه , أو يغر بالبشر . أنا اليوم أكتب , و حروفي تتراقص على الأوراق بلا انقطاع , اليوم اقول : (( اشعر بالحياة تتلمس طريقها ناحية أصابعي )) .
  من اجمل ما قرأت للكاتب (( دوستويفسكي ))
❤ مدونة قلب العرب ❤

1 التعليقات:

  1. السلام عليكم
    المصالحة مع النفس هي بداية الطريق
    الكتابة على الاخر هروب من الذات عيش في هموم الاخرين لتجنب فتح هموم النفس
    الابداع فضاء واسع
    يكون غنيا في وصف الاخرين لكن عندما يقترب من الانا يصغر وينكمش على نفسه
    يخاف ان يعترف بما يجول فيها ان يكتشف اسرارها فتصدمه
    نفوسنا معذبتنا في هذا الزمان
    اراحنا الله بالايمان ومنحنا حسن الختام
    تحياتي لقلمك الصارخ

إرسال تعليق

أخي \ أختي في الله ... تذكر(ي) دائما
قوله تعالى : ( مَا يَلفِظُ مِن قَولٍ إلا لَدَيهِ رَقِيبٌ عَتِيد )