الطفلةُ التي اعتادت أن تجلس على المرحاض وقدماها لا تكاد تلامسان الأرض , فتؤرجحها مثل داليتين من العنب الأبيض , تداعبهما رياحُ الشتاء القادمة من الأسفل , رياح تُنفث من أرضية السيراميك المجدولة بزخاريف إعتادت أن تتأملها جيداً لتستنج منها العديد من الرجال ذوي الأنوف البشعة أو ذوي الظهور المحدودبة , الطفلة التي إعتادت أن تسبح وتغوص في رداء الصلاة الواسع الخاص بأمها , الرداء الذي يتضخم كلما خطت خطوة إلى الأمام ليبدو لها مثل جناحين تُفرد لتحلق عالياً في السماء , الطفلة التي إعتادت أن تحتذي خطواتك الطريّة بعد كلّ وجبة طعام لتغسل أنتَ لها يديها المكتنزتين وتؤرخ بذاكرتها ربيعَ طفولةٍ لا تنتهي , وحيثما تذهب أنت هي تبقى أمام صنبور المياه تمزق الماء المُهدور بأصابعها الصغيرة .
الطفلة الآن تحدّق طويلاً بالجدارن النائمة , تغبِط الرفوف العالية التي لا يصلها أحد , فهي خُلقت مُذ بادئ الأمر لتكدّس فيها الأفكار التي إما أننا لا نحتاجُها على الإطلاق , أو نقدّسها لأنها ثمنية على قلوبنا ولا نريد من الزمن أن يسعل بها غبار الماضيات , ففضلنا نسيانها كطريقة مُثلى للحفاظ عليها .
أنا أعانق الأريكة الحمراء وأزاحم الوسائد البرتقالية حتى وإن ركلتني عمداً في الأرض , أنا أسمعُ موسيقى تبدو وكأنها مختزلة من زجاج النوافذ المهشّمة , أسمع صراخها وأذنايَ معبأتان بهمسٍ يتفشى في حِبال الموت المفتولة , أنا أرتعب خوفاً وقتما أبصرتُ أموراً عالقة بالزوايا الخلفيّة لبيتنا , أنا فقدتُ إيماني لدرجة أني أشك أحياناً بالأقلام التي أتعلّق بها فجأةً ويتبادر إلى عقلي أنها ربما إحتوت على شعوذةٍ ما تهدف الى انحسار شيءٍ ما فيّ ! *
أترى ؟ الحياة بحق علمتني الكثير من التراهاتْ .بقلم ثلجه..
❤ مدونة قلب العرب ❤
23 أبريل 2011 في 12:21 ص
إذا لم يكن للعقل وجوداً فيما نطالعه أو نقرأه أو حتى نفكر فيه ، فحتماً لن تجدي الإجابات على أسئلتنا !
علمتك الحياة الكثير فلا تتوقفي !
تحياتي لك .